This website uses cookies to ensure you get the best experience on our website.
To learn more about our privacy policy Click hereتُعد مهنة عاملات نظافة باليومية من أكثر المهن شقاءً وتعبًا، لكنها في الوقت نفسه من أهم المهن التي تساهم في الحفاظ على نظافة الأماكن العامة والخاصة، وتعكس صورة المجتمع واهتمامه بالنظافة العامة. ورغم الأهمية الكبيرة لهذا الدور، إلا أن من يعملن فيه يعانين من ظروف صعبة، سواء من حيث الأجر أو الاستقرار الوظيفي أو الاحترام المجتمعي.
عاملات نظافة باليومية هن نساء يعملن بشكل يومي دون عقد رسمي أو تأمين صحي أو ضمان اجتماعي. يُستأجرن ليوم أو يومين فقط حسب الحاجة، مما يجعلهن في حالة دائمة من القلق بشأن دخل الغد. هذا النوع من العمل لا يضمن لهن مصدر رزق ثابت، ويجعلهن عرضة للاستغلال من قبل بعض أرباب العمل الذين قد يفرضون عليهن ساعات طويلة من العمل مقابل أجر زهيد.
أغلب عاملات نظافة باليومية يلجأن لهذا النوع من العمل بسبب ظروف اقتصادية قاسية، كالحاجة إلى إعالة أسرة أو تربية أطفال أو الهروب من البطالة الطويلة. ومع أن هذا العمل لا يتطلب شهادات تعليمية أو مهارات متقدمة، إلا أنه يتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا، وقدرة على التحمل، والقدرة على العمل في بيئات غير صحية أحيانًا، مثل أماكن البناء أو الأسواق أو البيوت التي تحتاج إلى تنظيف شامل.
المجتمع في كثير من الأحيان لا يُنصف عاملات نظافة باليومية. فهناك من ينظر إليهن بنظرة دونية، أو يعتبر أن عملهن أقل شأنًا، رغم أن النظافة من القيم الأساسية التي يُفترض أن تُحترم ويُقدّر من يحرص عليها. هؤلاء النساء يقمن بعمل نبيل، ويتحملن الكثير من المشاق من أجل أن يتمكن الآخرون من العيش في بيئة نظيفة ومريحة. فهل هذا لا يستحق الاحترام والتقدير؟
بالإضافة إلى التحديات المادية، تواجه عاملات نظافة باليومية تحديات اجتماعية ونفسية. فبعضهن يتعرضن للمضايقات، أو لا يشعرن بالأمان أثناء تنقلاتهن أو أثناء العمل في منازل أو أماكن خاصة. كما أن غياب الدعم القانوني أو النقابي يجعلهن في موقف ضعيف عند أي خلاف مع أصحاب العمل.
ومن هنا تبرز أهمية تدخل الدولة والمؤسسات المعنية لحماية حقوق عاملات نظافة باليومية. فلابد من وضع قوانين تنظم هذا النوع من العمل، وتفرض على من يستأجرهن أن يوفر الحد الأدنى من الحقوق مثل الأجر العادل، وساعات العمل المحددة، وتوفير بيئة عمل آمنة. كما يجب أن يكون هناك حملات توعية مجتمعية تحث على احترام عاملات النظافة، والاعتراف بأهمية عملهن في حياة المجتمع اليومية.
ولعل المبادرات التي بدأت تظهر في بعض المدن، مثل تخصيص بطاقات تأمين صحي أو دعم مالي شهري لعاملات نظافة باليومية، هي خطوات في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى تعميم وتطوير. من الضروري أيضًا توفير فرص تدريبية وتأهيلية لهن، تُمكنهن من تطوير مهاراتهن والانتقال إلى وظائف أكثر استقرارًا إن رغبن في ذلك.
في الختام، لا يمكن الحديث عن بيئة نظيفة ومجتمع صحي دون الاعتراف بدور عاملات نظافة باليومية. هنّ الجنود المجهولون الذين يعملون بصمت خلف الكواليس، ويستحقون كل احترام وتقدير. إن دعمهن ليس مجرد مساعدة فردية، بل هو استثمار في كرامة الإنسان وفي جودة الحياة للجميع. فلننظر إليهن بعين الاحترام، ولنطالب بحقوقهن كما نطالب بحقوقنا، فهن جزء أصيل من نسيج هذا المجتمع.
Comments